القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.
شرح كتاب بهجة قلوب الأبرار لابن السعدي
76625 مشاهدة
النهي عن الإحداث وعن الابتداع في الدين

الحديث الثاني: عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه وفي رواية: من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد متفق عليه .


بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، قال -صلى الله عليه وسلم- من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد متفق عليه بهذا اللفظ.
وفي رواية لمسلم: من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد هذا الحديث فيه النهي عن الإحداث، وعن الابتداع في الدين، وعن إضافة شيء إلى الشريعة، وهو ليس منها؛ وذلك لأن شريعة الله تعالى كاملة فلا تحتاج إلى إضافة، ولا إلى تجديد شيء، ولا إلى تحسين أو زيادة أو تغيير أو نحوها.
قد أخبر الله تعالى بأنه أكمل الدين أنزل على النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- في آخر حياته قوله: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا أخبر بأنه أكمل الدين؛ وإذا كان ديننا كاملا فلا يحتاج إلى إضافات ولا إلى إحداثات، وقد كان النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- يحذر أمته من البدع فيقول: وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة (المحدثات) هي الأمور المستجدة في الدين التي ما أنزل الله بها من سلطان، وهي بلا شك من وضع البشر؛ من محاكاة الأفكار، أو من زبالة الأذهان يضيفونها إلى الشرع، والشرع غني عنها فشرع الله كامل لا حاجة به إلى أن يضاف إليه شيء ليس منه؛ فمن أحدث فيه ما ليس منه فإن ذلك مردود، ويعم ذلك المحدثات في العقائد، والمحدثات في الأعمال، والمحدثات أيضا في الأقوال التي تنافي مقتضى الشرع، وتنافي أهداف الدين الإسلامي؛ فإن كلها يصدق عليها أنها محدثات وأنها مردودة إلى من ابتدعها وانتحلها.